أظهرت دراسة أميركية جديدة حول مواقف الجمهور تجاه الذكاء الاصطناعي أن معظم الناس يترددون في السماح لـ"شات جي بي تي" وأدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى بتشخيص حالاتهم الصحية. وأشار المشاركون إلى وجود بوادر إيجابية في استخدام هذه التقنيات للمساعدة في تشخيص السرطان.
كما تم عرض نتائج الدراسة في الاجتماع السنوي لجمعية تحليل المخاطر الذي يقام في واشنطن العاصمة من 7 إلى 10 ديسمبر الحالي. وتركز الدراسة، التي يقودها عالم السلوك الدكتور مايكل سوبوليف من معهد شايفر للسياسات العامة والخدمة الحكومية بجامعة جنوب كاليفورنيا، على وجهات نظر الجمهور فيما يتعلق بالثقة والفهم والإمكانات والحماس والخوف من الذكاء الاصطناعي في مجال تشخيص السرطان.
استخدمت الدراسة بيانات من استبيانين وطنيين لتقييم العلاقة بين الاستخدام الشخصي لأدوات الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي" والثقة العامة في الذكاء الاصطناعي الطبي بقبول أداة تشخيصية قائمة على الذكاء الاصطناعي لسرطان عنق الرحم. وقد توصلت الدراسة إلى نتائج رئيسية.
نتائج الدراسة حول الثقة في الذكاء الاصطناعي
لا يزال معظم الناس يثقون في الأطباء أكثر من الذكاء الاصطناعي. فقد صرح حوالي شخص واحد من كل 6 أشخاص (17%) بأنه يثق في الذكاء الاصطناعي بقدر ثقته في الخبير البشري في تشخيص المشاكل الصحية. وفي المقابل، يشعر الأشخاص الذين جربوا الذكاء الاصطناعي (مثل شات جي بي تي) بإيجابية أكبر تجاه تطبيقه في الطب.
أظهر المشاركون الذين استخدموا الذكاء الاصطناعي في حياتهم الشخصية أنهم يفهمونه بشكل أفضل، وكانوا أكثر حماسا وثقة في استخدامه في الرعاية الصحية. وأفاد 55.1% من المشاركين أنهم سمعوا عن شات جي بي تي لكنهم لم يستخدموه، بينما 20.9% سمعوا عنه واستخدموه.
يرى المشاركون أملا، لا خطرا، في تقنيات الذكاء الاصطناعي. فعندما علم المشاركون بأداة ذكاء اصطناعي تساعد في الكشف عن العلامات المبكرة للسرطان، اعتقد معظمهم أنها تمتلك إمكانيات كبيرة، وكانوا أكثر حماسا من خوفهم.
تأثير التعرض للذكاء الاصطناعي على الثقة
قالت الدكتورة سليبودا إن أبحاثهم تظهر أنه حتى القليل من التعرض للذكاء الاصطناعي -مجرد السماع عنه أو تجربته- يمكن أن يجعل الناس أكثر ارتياحا وثقة به. وأوضحت أن الإلمام بالتقنيات الجديدة يلعب دورا كبيرا في كيفية تقبل الناس لها.
في الاستطلاع الأول، تحدث المشاركون عن معرفتهم بتقنيات الذكاء الاصطناعي أو استخدامها، وأجابوا على أسئلة حول ثقتهم العامة بها في تشخيصات الصحة. بينما في الاستطلاع الثاني، عرض على المشاركين سيناريو يعتمد على تجربة عملية حيث طور فريق بحثي نظام ذكاء اصطناعي يمكنه تحليل الصور الرقمية لعنق الرحم للكشف عن التغيرات التي تسبق السرطان.
ثم قيم المشاركون خمسة عناصر لقبول أداة الذكاء الاصطناعي التشخيصية على مقياس من 1 إلى 5: الفهم، والثقة، والحماس، والخوف، والإمكانات. وأظهر تحليل النتائج أن الإمكانات كانت الأعلى تقييما، تليها الحماس والثقة والفهم والخوف.
تفاعل الجمهور مع الذكاء الاصطناعي في الطب
قال سوبوليف، الذي يقود وحدة التصميم السلوكي في مركز سيدارز سيناي الطبي في لوس أنجلوس، إنهم فوجئوا بالفجوة بين ما قاله الناس بشكل عام عن الذكاء الاصطناعي وما شعروا به عند التعامل مع مثال واقعي. وأوضح أن نتائجهم تظهر أن التعرف على أمثلة واقعية محددة يمكن أن يساعد في بناء الثقة بين الناس والذكاء الاصطناعي في مجال الطب.
تؤكد هذه الدراسة أهمية فهم الجمهور لمفاهيم وتقنيات الذكاء الاصطناعي وكيفية تأثير ذلك على تقبلهم لاستخدامها في مجالات حساسة مثل الصحة. ويبدو أن هناك حاجة إلى مزيد من التوعية والتثقيف حول الإمكانيات الحقيقية لهذه التقنيات.
في الختام، تبين أن الذكاء الاصطناعي يمتلك إمكانيات كبيرة في مجال الطب، ولكن الثقة من قبل الجمهور لا تزال تحتاج إلى تعزيز عبر التجارب والوعي.







